مستقبل نشر المحتوى بين السي دي والفلاش ميموري!

يُعد المحتوى الصوتي من أكثر الوسائط الإعلامية تداولا وانتشارا في أنحاء العالم, وحتى اليوم تعتبر السيارة المكان الأشهر للاستماع إلى هذه الوسائط الصوتية, نظرا لكثرة الوقت الذي يمضيه الشخص في سيارته لقضاء حاجاته وتنقلاته.

وحتى وقت قريب لم يكن يتخيل الناس أن ينتهي عهد شريط " الكاسيت" حتى استغنى صانعو السيارات عن مشغل الكاسيت واستبدلوه بالسي دي! ومن هنا أيقن الناس أن عهد الكاسيت قد انتهى بشكل رسمي.

ويشير الباحثون إلى أننا سنشهد في الوقت القريب اختفاء مشغلات السي دي من السيارات كذلك! والتحول إلى عالم الذواكر والتخزين السحابي.

فقد نشرت صحيفة "تيليقراف" البريطانية تقريرا تحت عنوان "تنبؤ الخبراء بوفاة مشغلات السي دي في السيارات" وذكرت فيه:  "أن مع إطلالة عام 2019 فإن ثلث السيارات المصنوعة فقط ستحتوي على مشغلات للسي دي". 

وذكر التقرير كذلك "أن كثيرا من شركات السيارات في العام الأخير عرضت مشغل السي دي "كخيار" فقط وليس كمكون افتراضي للنظام الصوتي في سياراتها". 

أما شركة الأبحاث " JATO Dynamics "  المختصة بأبحاث سوق السيارات كشفت "أن 59% فقط من موديلات السيارات التي تباع اليوم تقدم مشغل السي دي في السيارة كخيار افتراضي مقابل 79% قبل عشرة أعوام".  

وأضافت "أن أكثر من 1 لكل 10 سيارات من 5908 نوع يباع اليوم في بريطانيا لا تقدم مشغل السي دي كخيار فيها". 

أما في أمريكا فقد نشرت جريدة "سياتل تايمز" عام 2015 مقالة في توديع مشغلات السي دي في السيارات وجاء فيها : " أنه في السنة الماضية 17% من السيارات المباعة في أمريكا كانت خالية من مشغل للسي دي, وسترتفع هذه السنة إلى 24% وفي عام 2021 سترتفع النسبة إلى 46% بناءا على دراسة من IHS" . 

وفي المقابل, " فإن 75% من الموديلات المصنوعة اليوم تقدم منفذ USB كخيار افتراضي فيها! " بحسب جريدة التيليقراف.

وهذه الأرقام بلا شك تشير إلى أفول مشغلات أقراص السي دي من سيارات المستخدمين, وأن الفلاش ميموري اليوم وفي المستقبل سيكون صاحبك في السيارة بالإضافة إلى جوالك الذكي أو الأيبود. 

   

Imageresultforlaptopcdplayer

أما أجهزة الكمبيوتر المحمول أو اللابتب, فقد شهدت الأسواق بدئ اختفاء مشغلات الأقراص منها منذ عام 2013, وليس عليك إلا النزول إلى سوق الحواسيب اليوم لترى بنفسك كيف أن دعم مشغلات السي دي في الأجهزة المحمولة صار أمرا نادرا, وذلك لسعي الشركات إلى تصغير حجم ووزن الأجهزة, واعتبروا مشغل الأقراص عبئا عليهم لتحقيق ذلك, بالإضافة إلى توجه المستخدمين إلى تنزيل البرامج من المواقع, والأفلام والصوتيات من الخدمات السحابية, فقلّ الاعتماد على الأقراص كثيرا.

وأضف إليهم الأجهزة اللوحية, والأجهزة المتحولة, والتي لم تدعم محركات الأقراص منذ ظهورها إلا عبر منفذ اليو إس بي كجهاز خارجي. 

فلا شك أن هذا عصر منفذ اليو إس بي بجدارة, فبالإضافة إلى السيارات وأجهزة الكمبيوتر؛  فإنك ستجده حاضرا في أجهزة التلفاز الحديثة , وبأنظمة الصوت المنزلية والمتنقلة, بل حتى كثير من الجوالات الذكية اليوم يمكن تشغيل الفلاش ميموري بواسطتها, بخلاف أقراص السي دي. 

وتبقى الميزة الوحيدة لأقراص السي دي اليوم هي التكلفة المنخفضة لكل قرص في مقابل الفلاش ميموري, وبالأخص عند طباعة الكميات لنشر المحتوى, ولكن هل فرق التكلفة يقابله فرق بالأداء والمزايا؟ لننظر في ذلك : 

1- سرعة كتابة الملفات وقراءتها: 
تعتبر ذواكر الفلاش ميموري عبر USB 2.0 أسرع في الكتابة والقراءة من أقراص السي دي , ولا تزال تتطور هذه السرعات, فتقنية ال USB 3.0 والتي انتشرت في الأسواق منذ أعوام تعتبر ضعف سرعة USB 2.0 , والتي تم تطويرها كذلك إلى ضعف السرعة مرة أخرى عبر USB 3.1 . 

2- دعم السعات الكبيرة والصغيرة: 
لا تزال ملفات الوسائط اليوم تزداد في حجمها طلبا لأعلى درجات الدقة والوضوح, وإن كان لديك مكتبة صوتية أو مرئية, أو موسوعة علمية, فإن مساحة 700 ميقا للسي دي  أو 4.7 قيقا للدي في دي لن تفي بحاجتك! 

وحتى مع توفر أقراص ال Blue Ray بمساحات تصل إلى 50GB أو أكثر, إلا أن مستخدمها سيواجه مشكلة الدعم من جديد, فلابد من استخدام مشغلات أقراص خاصة تدعم البلو ري وهي التي لن تتوفر في كثير من الأجهزة اليوم, وكذلك فإن أسعار هذه الأقراص قريب جدا من أسعار الفلاش ميموري.  

فعند الحاجة إلى مساحات تخزين عالية فإن الكفة ترجح للفلاش ميموري بكل تأكيد.

3- حماية المحتوى من الحذف: 
من مزايا الأقراص الرقمية, أن موزعها يضمن عدم تغيير المحتوى فيها بعد كتابته, ولكن الذي لا يعرفه الكثيرون, أنه يمكن فعل ذلك تماما مع الفلاش ميموري! 

فيمكن نسخ المحتوى المطلوب في الفلاش ميموري ثم حمايته من الحذف بجعل الذاكرة للقراءة فقط, وبالتالي لن يتمكن المستخدم من تغيير المحتوى. 

كما يمكن تقسيم الذاكرة إلى قسمين, قسم للمحتوى المطلوب للقراءة فقط, وقسم للاستخدام الشخصي, وللمزيد من خدمات الفلاش ميموري يمكن زيارة هذه الصفحة.

4- إعادة الاستخدام: 
الأقراص الرقمية غالبا ما يتم استخدامها لمرة واحدة فقط ثم مصيرها إلى التخزين أو الإتلاف, أما ذواكر الفلاش ميموري فهي رفيقة المستخدم وفي جيبه أينما ذهب تخدمه مرارا وتكرارا.


5- الحجم وسهولة النقل: 
الأقراص الرقمية كبيرة الحجم, بخلاف ذواكر الفلاش والتي يمكن الاحتفاظ بها بميدالية المفاتيح مثلا, أو في المحفظة بجانب الكروت الشخصية. 

6- العمر الافتراضي والتحمل:
الأقراص الرقمية إذا تم حفظها بالدواليب دون استخدام فإن لها عمرا افتراضيا طويلا قد يصل إلى 100 سنة, ولكننا لا نتكلم عن أغراض التخزين , وإنما استخدامها مرة بعد مرة, ونقلها من مكان إلى آخر, وهذا يعرضها إلى الخدش والاحتكاكات غالبا, مما ينتج عنه عطب عند التشغيل.

أما الفلاش ميموري فتحمله لمثل هذا الاستخدام أكبر بكثير والعطب أقل.

 فإذا ما جمعنا كل تلك المزايا وجدنا أن تكلفة الفلاش ميموري في مقابل ما يقدمه اليوم يعتبر سعر معقول جدا, كيف والذواكر تتجه إلى انخفاض الأسعار يوما بعد يوم, فكل المؤشرات تدل على أن الفلاش ميموري سيكون سيّد وسائط التخزين بعد انتهاء عهد الأقراص الرقمية!.


الكاتب: موقع الصوت النقي. 
1438/7/13 هـ